أحلى سنين العمر بيننا تمر

النهاردة كان أول مقابلة حقيقية ليا فى شغل.. مابين اللخبطة حبة والثقة حبة والأمل حبتين ماعرفتش انام بليل..
أظن عادى..

امبارح كنت بكتب بوست طويل عريض عن انه مش لطيف احساس الفراغ.. ولا لطيف انك تصحى الصبح مش عارف يومك راح يمشى ازاى.. ح تنام.. ح تخرج.. ح تاكل.. ح تقعد.. لا شغلة ولا مشغلة.. تقلب ما بين صفحات الجرايد والانترنت.. تبعد المجلات عن نظرك وتقفل كل الكتب اللى قدامك ع المكتب.. وتحول قنوات الدش واحدة واحدة مع سينفونية تثاؤوب متواصلة فى الخلفية.

أصل من ساعة ماخلصت آخر امتحان فعلى فى حياتى الجامعية -يوم الخميس اللى فات- وانا عايشة فى هذا الفراغ..
عارف زى ما تكون مربوط فى ساقية وفجأة حد قال لك "النهاردة أجازة اعمل اللى نفسك فيه".. تأكد ان أول سؤال راح يجى على بالك "يعنى ايه اللى نفسى فيه؟".. كانك نسيت يعنى ايه يبقى نفسك فى حاجة انت عايز تعملها عشان انت عايز تعملها من غير سبب وجيه.. لا حد طلب منك تعمله ولا المفروض انك تعمله ولا الظروف جبراك انك تفكر فيه...

وقت المشروع كنت بفكر انه لازم افصل شوية وأبعد عن مجال الدراسة وأبدأ استعيد لغتى الفرنسية.. ففكرت اكمل قراءة اللى معرفش وكام كتاب المركونين على رف المكتبة .. وأرجع أكتب تانى ع البلوج.. وفكرت اتفرج على التلفزيون.. وفكرت أخرج وألعب أيروبيكس.. وفكرت اقابل اصحابى اللى صلتى بيهم تقريبا اتقطعت من ساعة ما دخلت فى دوامة الكلية.. وفكرت انى أرجع أرسم تانى.. وارجع أشتغل بالابرة.. وأسمع الراديو زى زمان.. وأتكلم فى التليفون... وأتعلم الطبيخ وتنضيف البيت...
كنت بمنى نفسى أتعلم ازاى استمتع بالوقت..

ساعتين بعد آخر امتحان.. وساعتين بس.. كانت كفاية عشان اتأكد ان الفراغ ممل.. وانك لما تبقى قاعد ولا عارف ح تعمل ايه بوقتك أكثر ملل.. وراح يصعب عليك قوى تقضيه من غير هدف..
من غير ما أحس لقيت ايدى بتغلبنى.. وسبت كل خططى وبدأت أدور على شغل!

خرجت من باب مكتب المقابلة وأنا تقريبا محبطة... واحد من الممتحنين قال لى "شكرا على وقتك" وأنا فى مخى بقول.. "وأنا عندى ايه دلوقتى غير الوقت".. الوقت اللى كنت بتمنى انه يطول بس كام ساعة عشان الحق اخلص تقرير ح سلمه ولا مشروع بكمله ولا فكرة بنفذها.. دلوقتى هو عندى بس مش عارفة اشيله لوقت تانى..
ياه.. علاقتى به عمرها ماكانت رائعة.. طول عمرى بكره الاعيبه معايا... يطول وقت الانتظار والملل.. ويقل وقت الاحتياج.. وكانه ضدى...
تفتكر هو فعلا بيعاندنى؟ ولا هو الشئ اللى فى ايدينا اللى بيدي للزمن عمقه؟

فى طريقى للبيت فضل سؤالى الأثير فى سطر من أغنية يرن على ودانى

(*) "ياترى اللى بيعيش الزمن احنا؟
ولا الزمن هو اللى بيعشنا؟"

وأنا بسأل نفسى فى هو الوقت ميت سؤال وسؤال تانى.. "هل وياهلترى".. معرفش ان كنت عملت كويس ولا لاء.. ومعرفش ان كان الممتحنين ناوين يقبلونى ولا لاء.. ومعرفش ان كنت متسربعة ع الشغل من دلوقتى زى ما اهلى بيقول لى ولا لاء برضو.. انما رغم كل شئ طلعت من النهاردة بشئ.. دلوقتى عندى بوادر ملل.. وفى نفس الوقت.. ومعايا وقت..

سلاماتى

بى إس: (*) من أغنية "زى الهوا" لعلى الحجار والعنوان شطر آخر من نفس الأغنية.