الأحد، مارس 08، 2009

فصل من تاريخ المرأة المصرية

عاشت المرأة المصرية فى مصر الفرعونية حياة إجتماعية راقية فقد كان لها حق اختيار الزوج، وحق الطلاق متى تزوج عليها زوجها مرة ثانية، أو إعطاء ثروته كلها لأولادها منه إذا أصر على الزواج وعدم تطليقها، ومن هنا قلت حالات تعدد الزوجات، وقضت المرأة المصرية على الاسباب المهمة فى هدم كيان الأسرة، ويقول "ديودور الصقلى" عن تمتع المرأة المصرية بالحرية الإنسانية بعد زيارته لمصر "بأن العادة فى مصر جرت على أن للمرأة بين سواد الناس القوامة على زوجها، ويتعهد الزوج عند إبرام عقد الزواج بأن يكون الزوج مطيعاً لعروسه فى جميع الأمور".

وهكذا لا تندهش إذا كانت مصر الفرعونية استطاعت أن تتقدم فى جميع الميادين الحضارية والثقافية، ويرجع ذلك فى نظرى إلى مشاركة المرأة المصرية الفعالة والجادة فى الأنشطة العامة والخاصة فى الأمة مما أدى إلى الغستقرار والتفكير فى العمل الخلاق لتحسين سبل الحياة وتقدمها، وأصبحت بذلك مصر الفرعونية موطناً لكل مقومات الحضارة الإنسانية التى عرفها العالم بعد ذلك.

وظلت المرأة المصرية تقوم بواجبها كاملا فى بناء وتقدم اعظم حضارة رأتها دنيا البشر، إلى أن جاء الإحتلال البطلمى إلى مصر سنة 332 ق.م.، وبدأ يعمل على إرساء قواعده ليستمر الاحتلال البطلمى لمصر إلى ماشاء الله، ولكن مقاومة المصريين للإحتلال كانت قوية هددت وجوده، وكان فى مقدمة المقاومين للاحتلال نساء مصر حيث ساعدهن على المساهمة الفعالة فى صفوف المقاومة قوة الشخصية التى تولدت عن استقلالهن الاقتصادى، هذا الاستقلال الذى اشاد به هيرودوت فى ذكر مشاهداته عن مصر حيث قال: "عجبا لهذه البلاد إن النساء فيها يذهبن إلى الأسواق ويعملن بالتجارة ويعقدن العقود" وظلت الحالة كذلك وأصبح وجود الاحتلال البطلمى لمصر مهدداً بالفناء حتى كانت سنة 222 ق.م. وعندما تولى حكم مصر الحاكم البطلمى "فيلوباتور" الذى تفتق ذهنه عن إصدار قانون عرف بإسمه ويقضى هذا القانون نهائيا على مقاومة المصريين للمستعمرين إذ ينص على حرمان المرأة المصرية من حق التصرف فى اقتصادياتها ومالية الأسرة، كما حرم على الرجال طاعة النساء سواء أكانت زوجته أو ابنته أو أمه، كما يقضى هذا القانون بانتساب الأولاد إلى آبائهم بدلا من أمهاتهم كما كان متبعاً، وأخيراً منع هذا القانون النساء من التصرف فى شئونهم الخاصة، وأعطى الرجال حق التصرف فى كل ما يتصل بالشئون النسائية فى البلاد.

وهكذا نجح هذا الحاكم البطلمى الداهية فى معرفة السبب الأساسى لوجود المقاومة ضد حكامهم ألا وهو المشاركة الجدية الفعالة للمرأة المصرية فى تصريف أمور الحياة، فإذا قضى على هذه المشاركة، واقتصرت وظيفة المرأة على عملها كأنثى، فإن الحياة بمصر يصيبها التأخر والانحطاط ويصبح احتلالها سهلا وميسوراً للدول الأجنبية التى عملت على استنزاف خيرات البلاد من أجل رخاء دول الإحتلال كما عملت على إشاعة المذلة والهوان فى البلاد المصرية وقضى على ازدهارها ومكانتها الحضارية وسمعتها الواسعة فى العالم حينذاك والتى كانت لها إبان العصور الفرعونية القديمة، وأصبحت مصر بعد ذلك تابعة لدول أخرى دونها حضارة وتقدم.

[...]

بيد أن دخلة شعوب غير عربية فى الإسلام بتقاليدها ونظرتها غير العادلة للمرأة أدى الى تخلف المرأة، لظهور آراء تنادى بتحريم خروج المرأة ومشاركتها الجدية فى أمور الحياة العامة، وظهر هذا واضحاً إبان حكم الترك لمصر، إذ منعت المرأة من تلقى العلم وممارسة شئونها الشخصية إلا عن طريق رجل من اسرتها قد يكون دونها فى الإدراك العقلى، بل إن بعض الرجال حرموا على النساء قراءة القرآن الكريم أو الاستماع إليه بإستثناء سورة النور لما فيها من عقاب وتعذيب للكافرين.

ونسى المسلمون تعاليم الإسلام الصحيحة ووضعوا له تعاليم أخرى تتفق مع مصالحهم الشخصية ونادوا بتعدد الزوجات، وقبوع المرأة بالمنزل وتخليها عن ممارسة حقوقها كإنسانة حتى ولو كانت تمس أخص شئونها الذاتية. والغريب أنهم نسبوا كل هذه الخرافات والأعمال غير الإنسانية إلى الإسلام. وساعد حكام البلاد المصرية فى العصر التركى ما عانته البلاد من فساد حكم وتفشى الأمية بين كافة طبقات الشعب وتدهور الحياة الفكرية تبعا لذلك، وقبعت المرأة بالمنزل تمارس أعمالها به كأنثى ليس لها إلا أن تسرى عن الرجل وتعمل على إسعاده من وجهة نظره وتسعى من أجل ذلك إلى تنمية قدراتها الجسدية؛ لكى تستطيع أن تكسب معركتها مع رجل سهل له سوء فهمه للقوانين والقيم تعدد الزوجات بغير حق واقتناء أكبر عدد ممكن من الجوارى والسرارى.
ويصف كلوت بك هذا الوضع وقد لفت نظره فيقول:
"أى احترام من ولد لوالدته إذا وقع نظره عليها وأحط الخصيان يتولى تأديبها أو معاقبتها بالضرب بأمر من والده"

والواقع أن مصر عرفت نظام الحريم كنظام اجتماعى على عقد الحكم التركى بالبلاد وإن ساد هذا النظام طبقة الأغنياء والطبقة المتوسطة، ولم تعرفه الطبقة الدنيا عندنا، فالمرأة الريفية كانت تقوم بمساعدة الرجل فى أعمال الحقل وشئون البيع والتجارة شأنها فى ذلك شأن جدتها المصرية القديمة وإن انتقلت إلى الرجل الريفى عدوى تعدد الزوجات على أنه كان يحتفظ بالزوجة الأولى إلى جانب زوجته الجديدة ويشب أولادهما معا وغالبا فى منزل واحد دون تفرقة تذكر فى المعاملة.

وهكذا نرى أن المجتمع المصرى عانى من التأخر فى كافة المجالات إبان الحكم العثمانى لانعزال المرأة المصرية عنها لأسباب خارجة عن إرادتها، وساعد على ذلك حرمانها من التعليم، فبالرغم من وجود جامعة الأزهر بمصر ويأتى إليها عديد من طلبة البلاد الأخرى، حرمت من تلقى العلم بها ابنة مصر وعاشة حبيسة الجهل والخرافات والتفرقة فى المعاملة الإنسانية بين المرأة والرجل وعدم السماح لها بالخروج من المنزل إلا فى حراسة مشددة من بعض رجال الاسرة أو الخدم وإن كانت أختها ساكنة الريف امتازت عنها ببعض الحرية مثل حرية التنقل خارج المنزل والعمل بالحقل إلا أنها عانت ايضا من ثلوج كثيفة بصنوف من جهل وتقاليد بالية وتقاليع ينكرها العقل السليم خاصة فيما يتصل بتربية الأطفال، ومن ثم كان تاثيرها على الحياة المصرية وتطورها ضئيلا باستثناء ما تقدمه للبلاد من ابناء.

جزء من الفصل الأول لكتاب "الحركة النسائية الحديثة: قصة المرأة العربية على أرض مصر"
دكتورة إجلال خليفة

-------------
بى إس: ممكن تزوروا بجوركلند بتدوينته "المرأة المصرية تناضل"

هناك 4 تعليقات:

alzaher يقول...

ان كان من شيء تثبته هذه التدوينة فهي تثبت ان التاريخ الذي ندرسه في المدارس والجامعات ليس تاريخنا، ذلك التاريخ الذي يهمل كل ما ذكرته ويصور شعبنا في صورة الخانع الخاضع
واجبنا ان نعيد كتابة تاريخنا بايدينا ، تاريخ يكون ابطاله هدى شعراوي وام صابر وجواد حسني وغيرهم ممن اهملهم تاريخ الملوك والرؤوساء

DantY ElMasrY يقول...

اعلانك براءة الإسلام من التهمة وإحالتها للشعوب الغير عربية محل نظر
صحيح ثقافة الحرملك أصلها تركى
لكن عدم توريث البنات وعدم تعلمهن ...من الآخر وأد البنات تقليد عربى

لبس قناع الإسلام ولا مالبسوش
مش مشكلة القناع
ولا إن المشكلة مقنًعة
ولا مهم مين السبب
المهم إن فى وضع صح ننشده لنسائنا ولازم نوصل ليه من غير القاء الإتهامات وتبرئة طرف من باب المجاملة وتحميل طرف آخر من باب التحامل

هوندا يقول...

راائع رائع بجد لطالما اقتنعت بأن سبب تخلف المرأة هم البشر وليس الله ولا الإسلام

فالإسلام كرم المرأة على أكمل وجه
ثقافة الحرملك تركية الأصل بجانب ثقافة السلاملك وهذه الثقافات كانت وراء رفض أتاتورك لصفة الدولة الإسلامية

اعتقد ان حبس المرأة نتيجة لأهواء الأشخاص ليس إلا

إيمان قنديل يقول...

بصراحه البوست استعرض تاريخ وحقائق ربما اقرأ بعضها للمر’ الأولي،وبداية البوست كانت موفقة لإستعراض ماسيأتي من حقائق موجعة ستأتي فيمابعد

وصدقت القول عندما قلت أن الحياة الراقية التي عاشتها المرأة في مصر الفرعونية كانت سببا رئيسيا وهاما في رقي المجتمع ونهضته وتقدمه